> عامر علي سلام فوز:
في إطار جهود الحكومة لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز دور الصناعات المحلية كما يقال دومًا أصدر وزير المالية سالم بن بريك قرارًا تاريخيًا يتكرر منذ 2004م بحظر تصدير الخردة إلى الخارج.. حيث يعد هذا القرار نقطة تحول مهمة في تعزيز الصناعية المحلية في وقت تشهد فيه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة.
- أهمية تشغيل مصانع الحديد بعد توقفها
كما دعا مختصون بالشأن الاقتصادي.. إلى ضرورة دعم مثل هذه القرارات التي تسهم في المساهمة في ازدهار الاقتصاد الوطني ودعم الصناعات المحلية.. ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يكون لهذا القرار تأثير إيجابي كبير على القطاع الصناعي في البلاد، حيث سيسهم في دعم المصانع والمشاريع المحلية، بالإضافة إلى توفير فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي (في حال عودة مصانع الحديد للعمل)، لكن القرار جاء بصورة مغايرة وفقدان خزينة الدولة العملة الأجنبية الصعبة من تصدير خردة الحديد وضمان التعرفة الجمركية عليه.
وأكد المختصون أن الخردة كانت تُصدر إلى الخارج قبل صدور القرار بأسعار زهيدة ما يحرم البلاد من أحد أهم مواردها الصناعية... مشيرين إلى أن الخردة كانت تُباع في الأسواق الخارجية بدلًا من أن تُعاد إلى دورة الإنتاج المحلي. أما الآن فبفضل هذا القرار( والله أعلم وللأسف) ستظل هذه المادة الحيوية داخل السوق المحلي، ما يعزز قدرة المصانع على زيادة الإنتاج ويفتح الباب لتوفير المزيد من فرص العمل.. بل ما حدث هو حرمان كل من يشتغل بالحديد الخردة إلى فقدان كسب عيشه منها..!
ففي الفترة الأخيرة عانت العديد من المصانع من نقص حاد في مادة الحديد، ما دفع بعضها إلى تقليص حجم أعمالها أو إغلاق أبوابها بشكل كامل.. ومع بدء تنفيذ قرار حظر التصدير، (كان المتوقع نقول المتوقع) أن تستعيد هذه المصانع نشاطها وتتمكن من الحفاظ على الأيدي العاملة، بل وتوسيع نطاق أعمالها في المستقبل ولكن حدث العكس فما أسباب ذلك!
ويرى خبراء اقتصاديون أن القرار يُسهم القرار في الحد من عمليات غسيل الأموال والتهريب التي كانت تُدار تحت غطاء تصدير الخردة. فقد استغلت بعض الجهات غير القانونية هذا القطاع لتمرير أموال بطرق غير مشروعة وتهريب الخردة إلى الخارج وهذا رأي مغلوط تمامًا لأن الإيرادات الجمركية توقفت من تصدير خردة الحديد..!
فكيف يُعد هذا القرار خطوة حاسمة في مكافحة هذه الأنشطة غير القانونية، وتعزيز الشفافية في قطاع التجارة... ودور وزارة الصناعة والتجارة في ذلك، وهو يعرقل مصدر رافد للدولة من العملة الصعبة نظرًا لكميات الحديد (خاصة من تقطيع السفن المتهالكة وتخلص البيئة البحرية منها).
وكان بإمكان الحكومة ممثلة بوزارتي المالية والصناعة والتجارة أن يتخذوا إجراءات قانونية ومنطقية من خلال رفع قيمة الجمارك والضرائب الخاصة بتصدير واستيراد الحديد والصلب بدلًا من قرار إيقاف التصدير.
لم يكن بأي حال من الأحوال قرار حظر تصدير الخردة إلى الخارج يمثل خطوة استراتيجية يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي في مختلف القطاعات الاقتصادية، مما كان سيؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها بلادنا منذ سنوات. (لكن ماذا حدث بعد القرار هل توقف التصدير أم هناك طرق أخرى كحديد مغلف بالمعدن).
• الخردة الوطنية كانت تصدر إلى الخارج بأسعار زهيدة، قبل صدور القرار؛ ما يحرم البلاد من أحد أهم مواردها الصناعية. وكانت هذه الخردة تُباع في الأسواق الخارجية بدلًا من أن تُعاد إلى دورة الإنتاج المحلي، لكن بعد إصدار هذا القرار، ستبقى هذه المادة المنعشة داخل السوق المحلية وسيعزز زيادة الإنتاج ويفتح الباب لتوفير المزيد من فرص العمل.. ولكن حتى الآن ظهرت نتائج جدًّا مجحفة بعمال وتجار حديد الخردة وجامعيها فحقيقة الأمر لم تصدر ولم تباع محليًّا للمصانع المحلية بل استغل البعض في خفض سعر الخردة الحقيقي في السوق.
• تأسيس جمعية خاصة بهم وتهتم بشأن أعمالهم.
• توقف تصدير الحديد وعدم بيعه داخليا بأي شكل كان.
• محاولة بيع خردة الحديد محليًّا وبسعر أقل من سعره الحقيقي.
• السعر وهبوط سعره من قبل التجار بعد توقف مصانع الحديد ووقف التصدير.
• ولكن هناك معوقات تعيق استثمار الحديد الخردة بشكل صحيح ومنصف.
• وفق تقديرات غير رسمية – فإن ما يقارب 300 ألف طن من خردة الحديد بمختلف مكوناتها، وهو ما تعتمد عليه 4 مصانع للحديد في البلاد بدأ إنشاؤها بداية تسعينات القرن الماضي، وتلبي هذه المصانع احتياجات السوق المحلية بنسب مختلفة حسب السوق، إلا أنها توفر فرص عمل للكثيرين من العمال والمهندسين والفنيين، وتلبي بعض احتياجات السوق المحلية المتنامية عقاريًّا حتى زمن الحرب، وهو ما انتبهت لأهميته الحكومات في السابق ولكن حال هذه المصانع متوقفة أو مهددة بالإيقاف. ما سبب ذلك وهل لنا أن نشجع صناعة الحديد وعودتها كصناعة سيادية في التنمية ؟
- مسارات متوقعة
• تتجمع خردة الحديد في مخازن كبيرة على طول البلد وعرضها لا سيما في كثير من المدن الكبرى، ومن ثم تذهب في عدة مسارات:
المسار الأول: مسار مصانع الحديد في حضرموت وعدن، لكنه منذ سنوات لم يعد مسارًا معتادًا لها، فالمصانع منذ فترة لم تعد تصلها تلك الشاحنات المحملة بخردة الحديد، وأصبحت مخازنها فارغة من الخام والآلات في تلك المصانع توقفت، وأخرى أوشكت على التوقف.
إن تصدير خردة الحديد والمعادن في الفترة الأخيرة انتعش مع ميناء عدن تحديدًا، وأن التصدير يتم بمعرفة إدارة الموانئ ووزارة الصناعة والتجارة، وبشكل متزايد ومرتفع، وأنهم أحيانًا يقومون بتصدير خردة الحديد على أنها معادن أخرى مسموح بتصديرها، بينما في الحقيقة هي خردة حديد.
• ففي عام 2004م أصدرت الحكومة قرارًا بمنع تصدير خردة الحديد إلى الخارج، وحصرت بيعها على المصانع المحلية. وبعد أحداث الربيع العربي أصدرت قرارًا يقضي بإتاحة تصدير الخردة مرة أخرى، قبل أن تُصدر عام 2013 قرارا بمنع التصدير نهائيا.
وبداية 2023 طالبت شركة المكلا للحديد والصلب المحدودة وزير الصناعة والتجارة - بالحكومة المعترف بها دوليا- بإيقاف تصدير الخردة، تنفيذًا للقرارات الرئاسية السابقة، وإلا فإن المصنع في طريقها للإغلاق كالبقية.
• سبق وأن بعض شركات مصانع الحديد طالبوا الحكومة وتحديدًا وزارة الصناعة والتجارة، بالتدخل لوقف تصدير حديد الخردة للخارج، إلا أن دورهم كان سلبيًا كما يقال؛ بل أن هذا الدور ضاعف كثيرًا من خروج الحديد عبر ميناء عدن تحديدا وبكميات كبيرة، وحرم المصانع المحلية، وهددها بالتوقف، نتيجة ذلك على السوق المحلية.
فهل يأتي في خلد الحكومة أن تعمل على توفير الكثير من فرص التشغيل للعمال والمهندسين، كما أن إغلاق المصانع سيؤثر على اقتصاد البلد الذي يعاني كثيرًا من شح العملة الصعبة مما سيضطرها إلى استيراد الحديد بشكل أكبر لتغطية ما كانت تنتجه المصانع المحلية، وهو ما يعني استنزاف الكثير من العملة الصعبة وكذلك انضمام عمال ومهندسي تلك المصانع إلى قافلة البطالة المستمرة، يعني أن هناك ازدواجية القرار بواقع البلد واحتياجاته من العملة الصعبة، فعلى الحكومة الإسراع في حل المشكلة، وعدم إيقاف تصدير خردة الحديد والرجوع عن قرار وزير المالية المجحف في حق جمعية تجار الحديد الخردة والمستقلين فيها قبل أن تتحول تلك المصانع إلى خردة بفعل التوقف والتجاهل أيضًا.
مصانع الحديد المحلية تحتاج ما يقارب 25 ألف طن شهريًا من خردة الحديد لتشغيل المصانع، وهي كافية لتشغيل المصانع ولو بشكل محدود.
إن المخازن من الخردة والخام أوشكت على النفاد في مصانع محلية التي تحتاج بعضها فقط 10 آلاف طن من الحديد شهريا للتشغيل، وهي التي كانت تصل بشكل مريح واعتيادي من داخل السوق المحلية، قبل أن يتم بيعها للخارج بدلا من بيعها في الداخل.
أن خردة الحديد أو "السكراب" التي تخرج عبر الموانئ هي عبارة عن منتجات حديدية تم إنتاجها واستخدامها لأغراض مختلفة مثل صناعة السيارات والسفن، وأنهم في المصانع يقومون بإعادة تدويرها لإنتاج حديد التسليح.. كيف
يفهم ذلك؟
- إهمال إلى حد الشراكة
تعتبر وزارة الصناعة والتجارة المسؤولة عن التحكم بالسوق الداخلية وحماية المصانع المحلية من أي أضرار قد تصيبها لأي سبب من الأسباب. ويذكر القانون أن على وزارة الصناعة والتجارة أن تعمل على الشراكة والرقابة على المنافذ المحلية في خروج المواد وتصديرها وفق القوانين والقرارات الحكومية المتعاقبة.
غير أن ذلك الدور لا تقوم به وزارة الصناعة والتجارة في عدن أبدا، حيث يتهمها ملاك المصانع بالتساهل في تصدير الخردة عبر ميناء عدن وبشكل رسمي صحة ذلك.
وزارة الصناعة والتجارة ملتزمة بما أصدرته الحكومة من قرارات لمنع تصدير خردة الحديد. إلا أن هناك اتفاقا بين تجمع تجار خردة الحديد ومالكي المصانع بتصدير الحديد بعد الإيفاء بحاجة المصانع، وأن هذا تم دون الرجوع لوزارة الصناعة والتجارة. وبأن الاتفاق لم يكتمل لاحقا بين المصانع وتجار الخردة وأن الوزارة لا تتدخل فيما أصدره القضاء تجاه القضية، وأن خروج الحديد من المواني ليس من ضمن اختصاصات وزارة الصناعة والتجارة.
أن مصدري الخردة لم يلتزموا بالكميات المتفق عليها بينهم وبين مالكي المصانع، وأن الوزارة لم تقم بدورها في تنفيذ هذا الاتفاق الذي كانت على علم به إضافة إلى الغرفة التجارية.
ما الذي يمكن أن يحدث؟
تعثر أن تستمر الخردة بالخروج من ميناء عدن وبكميات كبيرة، تحت أي مسمى كان المعادن أو الحديد المكبوس أو غيره، وللتلاعب بقرارات منع التصدير، فإن تلك المصانع تواجه تهديدًا مباشرًا، وتنتظر تنفيذ قرارات الحكومة... والقضاء ينتظر كذلك أن يعود الكثير من العاطلين إلى أعمالهم بالمصانع التي توقفت وكذا أنصاف تجار بيع الخردة بأسعار حقيقية ويعيش البقية في المصانع التي تعمل بين أمل الاستمرار وكابوس التوقف بعد تدهور استمرار تصدير خردة الحديد أيضًا، مما يؤثر على حالة الآلات التي يعملون عليها ومعيشة أسرهم، ويبقى تجار الخردة أمام القضاء ينتظرون حكم الإنصاف بسعر ما يتاجرون به محليًّا أو خارجيًا.. وهكذا يتم إهدار تجارة وصناعة الحديد. وضياع مصالح ملاك المصانع وشركاتهم وفي نفس الوقت يقع تجار الخردة في كماشة الاستغلال أو التوقف عن البيع وفقدان آلاف الأطنان من حديد الخردة الذي تمتلئ به مخازنهم ودون فائدة غير الخسارة وفقدان الأمل.